الاحتفال بالمولد النبوي.. بإحياء سنة المصطفي التكريم الأمثل للرسول.. أفضل رد علي تطاول الآخرين محمد

أكد علماء الدين أن إحياء سنة المصطفي -صلي الله عليه وسلم -أفضل احتفال بمولده وذلك تكريما وتعظيما ومهابة لسيد الخلق حتي نرد به علي أعداء الدين الذين أساءوا إليه واتهموه بألفاظ سيئة وكان آخرها من قبل القناة العاشرة الإسرائيلية رغم أنه جاء للإنسانية رحمة للعالمين.. السؤال.. كيف نحتفل بهذه المناسبة العظيمة علي قلب كل مسلم ومتي تنهض الأمة الإسلامية في استلهام المعاني التي جاءت بها الرسالة المحمدية.
يقول الدكتور منيع عبدالحليم محمود عميد كلية أصول الدين السابق جامعة الأزهر إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من قبل كل مسلم ومسلمة هو أفضل تكريم له لأن كثيرا من المسلمين يحييون سنة نبيهم بقراءة القرآن والصيام وكثرة الصلاة عليه -صلي الله عليه وسلم- فالاحتفال بمولده هو احتفال ببشر يوحي إليه.. لذلك فإن كل ما يفعله هذا البشر الموحي إليه هو منهج للاتباع سواء في أقواله أو أفعاله أو تقريراته فإن كل ذلك وحي من الله تعالي.
اضاف د. منيع أن الاحتفال المطلوب من كل مسلم هو دراسة السيرة النبوية الشريفة فهي التفسير الحقيقي والسليم المستنير للقرآن الكريم فقد كان -صلي الله عليه -وسلم قرآنا يمشي علي الأرض.
قال إن الرسول الكريم كان خلقه القرآن علي حد تعبير السيدة عائشة رضي الله عنها.. هذه الدراسة إذا أخذت بطابع تحليلي فإنها تجعل المسلم في إطار من السعادة الدائمة ويكون في سلام مع نفسه ومجتمعه وفي سلام مع العالم.
طالب د. منيع جميع الأجهزة في مختلف أنحاء العالم الإسلامي بأن تكثف الدعوة إلي منهج رسول الله -صلي الله عليه وسلم -بحيث يتبعه الناس في كل ما يتعلق بأمور دينهم ودنياهم.
أما بالنسبة للاحتفال بحلاوة المولد فهذه عادة طيبة لا مانع منها فتوزيع الأطعمة أو الحلوي أو الأموال النقدية علي الفقراء في هذه الذكري العطرة جائز لأن الرسول -صلي الله عليه وسلم -هو أول من بدأ بإحياء سنة الاحتفال بمولده المبارك حيث سئل عليه الصلاة والسلام عن سبب صومه يوم الاثنين فقال هو يوم ولدت فيه وعلي فيه نزل القرآن.
يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر: إن الاحتفال بذكري النبي -صلي الله عليه وسلم -منهج حياة وليس مناسبة.. فالنبي -صلي الله عليه وسلم- حياة تتجدد في أمته التي رضيت به رسولا وآمنت به وصدقته والتمست سيرته العطرة نورا يهديها إلي خير حياة فهو -صلي الله عليه وسلم -ليس ذكري لأن الذكري أن تذكر شيئا تولي وأنت تستعيده فترة من الزمن تتأمل كيف كان وعقل الليمون أو تحترق أو تبتسم علي شيء كان ولم يعد له وجود في حياتك الآن.
أكد د. مبروك أن رسول الله -صلي الله عليه - ليس كذلك بحال من الأحوال.. وإنما هو فينا أبدا ما حيينا.. وبناء علي ذلك فإن علي المسلمين الذين يواجهون اساءة موجهة إليهم ولكن في شخصه هو -صلي الله عليه وسلم -باعتباره أغلي ما عندنا وأثمن ما لدينا وما يؤذيه في الظاهر يذبح فينا كل معني للوجود.
علينا جميعا أن نفهم أن ذلك كله بسبب تخلفنا وفقرنا.. ومهما نادينا وارتفعت اصواتنا بأن تخف هذه الحملة فضلا عن وأدها في مهدها فلن يجدي ذلك شيئا مادمنا نائمين وغيرنا مستيقظ ومادمنا فقراء وغيرنا غني.. ومادمنا مرضي وغيرنا يقدم لنا الدواء.. ومادمنا متفرقين وغيرنا متحد ومادمنا أصحاب كلام وغيرنا صاحب عمل هذا هو الذي أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالي من سورة التوبة "كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة" وفي قوله تعالي في سورة الكهف "إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا".
هذا هو طريق القرآن الذي يتناول هذه القضية وخلاصتها أن غيرنا لو ظهر علينا فلن يرحمنا قهرا واستعمارا ونهبا وهتكا للأعراض والبلدان والمقدسات واساءة إلينا وإلي ديننا وإلي رسولنا -صلي الله عليه وسلم-.
أما نحن فإذا ظهرنا علي غيرنا رحمناهم وعطفنا عليهم وامنا خائفهم وأطعمنا جائعهم لأن ديننا يأمرنا بالرحمة مع جميع الأحياء ماداموا مسالمين غير غازين لنا.
فالواجب كما يقول د. مبروك في كل حديث أن نعرض سبب الخطر الذي يحيط بنا فإذا رفعنا هذا السبب فقد رفعنا معه الخطر والنبي -صلي الله عليه وسلم- عمره كان مجاهدا لا بالقتال المشروع فحسب وإنما بالمال يؤلف به القلوب ويقرب به البعيد ويسد به حاجة المحتاج وقد روي البخاري في صحيحه أنه -صلي الله عليه وسلم -لو كان عنده مثل جبل أحد من ذهب لأنفقه جميعا إلا درهما يرصده لدين.. وقد جاء عبدالرحمن بن عوف بنصف ماله صدقة غير الزكاة وجهز عثمان بن عفان جيش العسرة من حرماله واشتري بئرا للمسلمين ليشربوا من عذب مائها حتي قال النبي -صلي الله وسلم -"ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم".
صدقة الزروع
وقد مر -صلي الله عليه وسلم- ببستان به نخل وله ظلال وثمر فسأل امرأة عجوزا هل زرع هذا النخل مسلم أو غير مسلم فقالت له مسلم ففرح فرحا شديدا وقال: "ما من مسلم يزرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه إنسان أو حيوان أو طير إلا كان له به صدقة فهل زرعنا الأراضي وملأنا الدنيا بساقين وشجعنا المزارعين وحللنا أزمات الاختناق ببناء المدن وتعمير الصحاري وأقمنا المصانع وعونينا بعلمائنا وأنفقنا علي البحوث العلمية ما نعلي به الراية ونثبت للدنيا جميعا بأننا أمة عمل لا مؤتمرات جدل وأننا في سائر معاملاتنا إخوة متحابون لا يغش بعضنا بعضا ولا يخون بعضنا بعضا وقضينا علي سواد الصدور وفي نصب أعيننا قول الله تعالي في أول آية من سورة الأنفال "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم" اننا بهذه الطريقة نرد علي جميع المسيئين ونرسل الأمل في قلوب المحسنين من المسلمين وغير المسلمين.
وهذا هو الرد الأمثل فإن اللغة التي نزل بها القرآن تعرف نوعين من المقال الأول.. مقال اللسان والثاني مقال الحال.. ويوم يتغلب مقال الحال علي اللسان سنصبح خير أمة أخرجت للناس.
أما إذا ظللنا علي مقال اللسان نرسل الأقوال ارسال ونجيد الخطط وننظم الأشعار ونقول هذا ديننا الذي يأمر بالرحمة بينما حالنا حال قسوة ونقول هذا ديننا الذي يأمر بالسماحة وحالنا ليس فيه شيء من سماحة ونقول هذا ديننا الذي يدعو إلي العلم وحالنا جهل وتخلف فين المفارقة بين المقال والحال تزيد عدد الساخرين وتخرج ألسنة الماكرين الذين لا يعترفون بلسان المقال وإنما يريدون أن يروا منا أعمالا وأن يشهدوا لنا مصانع ومسارح للمجد ولا لوم عليهم فإن منهج القرآن الكريم في الدعوة إلي الله ومعرفة قدرته والوقوف علي آيات عظمته كانت بلسان الحال ففي سورة الملك يوجهنا ربنا إلي الحال "خلق سبع سماوات طباقا" وفي سورة الرعد كذلك يقول: "وفي الأرض قطع متجاورات وجنات" وفي سورة الأنعام كذلك يقول "إن الله فالق الحب والنوي" والقرآن الكريم كله علي ذلك ما قال الله اعبدوني بكلام وإنما أمرنا بالنظر إلي كائنات موجودة وعلامات تدل علي صنعته وبديع حكمته "ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون" ورب انسان يعطيك من جيبه شيئاً وفمه لم يتحرك بكلمة أحب إليك من إنسان آخر ينشد فيك قصيدة تفيض حبا وحنانا ويتركك جائعا حتي تموت.
التأمل المقدس
يقول د. طه حبيشي رئيس قسم العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر إنه حين يأتي شهر ربيع من كل عام نجد المسلم الواعي يغرق في لون من التفكير الديني هو مأمور من قبل ربه أن يباشره. والذي يذهب إلي مكة أو المدينة المنورة يجد نفسه في مثل هذا الشعور الديني والتأمل المقدس الذي يدفعه إليه الشرع دفعا.
أما مكة وما فيها من البيت الحرام فقد كرمها الله بادئ ذي بدء حيث اضاف ما فيها من الكعبة البيت الحرام إلي نفسه فهي بيت الله الأول بلا منازع فحين أراد الله أن يشرق النور بميلاد خصصه بمكة المكرمة.. فكان لمكة بعد مولد النبي نوعان من التكريم تكريم هو تفضل من الله ومنحة عليا لهذا المكان.
وتكريم آخر جاء هذا المكان بما وقع فيه من حادثة ميلاد رسول الله -صلي الله عليه وسلم -وقد أدرك النبي بعد نبوته ما أحاط بهذا البيت من تكريم تفضل الله به علي هذا المكان أو لا منحة منه لا ترد ولا تنتقص. وبما أراده من ميلاد رسول الله -صلي الله عليه وسلم -فيه ونزول الوحي عليه في احدي جنباته.
أكد د. حبيشي انه انطلاقا من كل هذا فإن إحياء سنة المصطفي -صلي الله عليه وسلم -هي أفضل احتفال بمولده تكريما وتعظيما وتشريفا.. لذلك يجب أن يري كل مسلم ومسلمة أبناءهم علي منهج سيد الخلق في كل المجالات وأن تنهض الأمة الإسلامية في استلهام المعاني التي جاءت بها الرسالة المحمدية لأن الشريعة الإسلامية هي شريعة الحق تظلل كل البشر بمبادئها السامية.

» حكم الاحتفال بعيد الام
» في كل يوم ضع حديث للرسول الكريم
» المسجد النبوي
» المسجد النبوي
» {{۞}} تجميع سلسلة ( محمد والذين معه ) للشيخ محمد حسين يعقوب حفظه الله {{۞}}