إخوتي الأعزاء في الله!!
كلنا نجتمع علي أن المال هو أعظم فتنة يفتتن بها الناس فبالمال إما يستخدمه صاحبه في طاعة الله وشكره علي نعمته..وإما يفتري به صاحبه علي عباد الله ولا يذكر الله بل ولا يشكره علي نعمته....وفي قصتي برهان ودليل واقعي علي هذا الكلام....
ما أجمل وصية قوم موسي لقارون وكلنا نعلم من هو قارون !!إن قارون كان أغني الأغنياء علي الإطلاق في عصره وربما لم يحظ رجلاً بمال مثلما حظي قارون حتي الآن..
وكان قارون قبل أن يصبح غنياً رجلاً عادياً لا يعرفه أحد كما قال عنه ربنا عز وجل (إنّ قارون كان من قوم موسي) ومن هنا تفيد أنه كان رجلاً مغموراً.....
ثم أعطاه الله تعالي بل الأصح أن نقول ابتلاه الله تعالي بمال لم يؤت أحداً بمثله في الدنيا ...
**نصيحة غالية**
اجتمع العلماء ورأوا أن قارون قد افتتن بالمال فقرروا أن ينصحوه وانظر أخي إلي النصيحة حينما تكون محلاة بنور الحكمة...وقد نصحوه بأربع نصائح والله لو عمل بها كل من يملك مالاً لكان ماله هادياً يهديه إلي الجنة...قالوا له:
(1) ابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة....أي اجعل مالك سبباً تدخل به الجنة واجعله معيناً لك علي طاعة الله...
(2) لا تنس نصيبك من الدنيا.....
أي ليس معني أن تجعل تصرفك في مالك لوجه الله تعالي أن تحرم نفسك بل تمتع بالرخص ولا تحرم نفسك من كل المباحات.....
(3) أحسن كما أحسن الله إليك....وهنا يذكرونه بأصله..
أي كما كنت فقيراً وأحسن الله إليك وأعطاك المال الوفير أحسن أنت أيضاً إلي عباد الله.....
(4) لا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين...
أي إنك إن لم تفعل ما نصحناك به فسوف تكون من المفسدين والله تعالي لا يحب المفسدين...
رد النصيحة
رغم أن أسلوب علماء قوم موسي وهم ينصحون قارون كان هادئاً لا غلط فيه ولم يكن أسلوباً إستفزازياً إلا أن قارون كان من الجنس الذي قال الله فيه:
(وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم)
قال لهم قارون: (إنّما أوتيته علي علم عندي)
أي أن ما أملكه من مال حصلت عليه بذكائي وعبقريتي وحساباتي الدقيقة وليس لأحد جميل عليّ...أي أنه افتري علي الله ..ليس ذلك فقط !!بل إنه أراد أن يكسر قلوب الفقراء فماذا فعل؟
(فخرج علي قومه في زينته)
أي خرج مرتدياً الحرير الأملس ويزين يديه بالذهب والماس وعلي رأسه تاجاً من ذهب ...يتقدمه الخدم ويتعقبه الحراس..وكان الناس عندما يعلمون أن قارون خرج اجتمعوا علي جانبي الطريق ليشاهدوا هذا الهيلمان...
وهنا انقسم الناس قسمين
(1) أهل الدنيا..
وهم الذين يعيشون للدنيا وشهواتها ولذلك كان من السهل أن يفتتنوا بما رأوا من عظمة قارون فتحسروا وندبوا حظهم فقالوا
يا ليت لنا مثلما أوتي قارون إنّه لذو حظ عظيم).
هؤلاء الناس ظنّوا كما ظنّ أهل الجاهلية فقد اعتقدوا أن الله ما دام أعطي قارون كل هذا المال فهو يحبه وراض عنه وكلنا نعلم ما هو مصير أولئك الذين يعيشون للدنيا فإنّ الله تعالي قال عنهم
من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفّ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون*أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلاّ النّار...)
(2) أهل الآخرة
وهم الذين يحيون فقط لطاعة الله ولا يرجون إلا رضا الله تعالي والجنّة.. هؤلاء الأخيار نظروا إلي الذين افتتنوا بقارون وماله ثمّ قالوا لهم: (ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون)
أحبتي في الله!!!
كل امرء أدري بنفسه فمن أي الفريقين أنت؟
للأمانة!! هذا الموضوع ملخص لدرس من دروس الشيخ الجليل أبو إسحاق الحويني من برنامج وقال المحدث..
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم